الجمعة، 12 مايو 2017

ثورة - الجزء الأول (الإنتفاضة)

‏رفع الفتى قبضته مسكتاً من حوله ثم هتف بصوت عالٍ إنتفخت معه أوداجه واحمر وجهه "يابلدنا" فرددو  "يا تكيه" فرددو "ياوصيه" فرددو "سرقوكي شوية حراميه" فارتفع صوت الجمع بهذا الترتيب، كانت اصواتهم كجحيم غاضبٍ صُب من السماء على أرض كانت طاهرة يوماً.. ، ولربما إرتجف الطاغوت يومها حين رأى هذا المشهد وربما شعر بالحنق أن حثالة كأمثال هؤلاء ظنو أن لهم الحق في الإعتراض، لقد مرّ الأمر عليه كمثل ريح فيها صر أصابت نفسه فأهلكتها، وغلبه الكبرُ فأمر بهم أن يؤتَو من أطرافهم ويرو العذاب. ظن الفتى يومها أن الصور قد نفخ فيه من هول المشهد ومن هول الألم، تطاير الرصاص نازعاً أرواح البعض موسِماً أبدان البعض الآخر ورأى الرهط الباقي رفاقهم يتساقطون فتسابقت الدماء إلى رؤوسهم فانتزعو الحجارة من الأرض وقاوموا أصحاب المدافع بكل ما أوتوا من قوه، كان الصراع أسطورياً تناثرت فيه الدماء وتصاعدت فيه أدخنة قنابل الغاز مختزلة أنفاسهم  وأنهالت الرصاصات وإن بعضها ليخرج من مدفعه موقناً أنه لا خير له في إصابة ثائر حق سو الخزي كونه صنع ف الأساس لإصابة عدو فما لها وأمر شريك الوطن، كان الوضع منقلباً بعض الشيء فأصحاب المدافع يحتمون بستراتهم الواقيه ودروعهم وبعض مقالب القمامة و رهطنا القليل محتم بالشمس و بعض الحجارة، لكن ولأن المنطق وغدٌ بعض الشيء إنحازت الكفّة لأصحاب المدافع فامتلكوا رؤوس بعضهم ونجا البعض الآخر . كان الأمر عنيفاً .. فإنهم حين أعتقلوهم إنهالوا عليهم بكل ما طالته أيديهم وأينما طالت أيديهم منهم، حتي إن هاتفنا الأول وهو أقواهم نفْساً غاب عن وعيه أو غاب وعيه عنه أيهما أصلح لشجاعته، نقلوه إلى زنازينهم وتركوه يصارع نفسه وأفكاره مدة يومين تقريباً مارسو عليه فيها أنواعاً مرهقة من التعذيب النفسي وربما كفاه منه أن تركوه تهدمه تخيلاته، مر عليه اليومان و شعر كأنهما عامين في حصار فيه مجاعة حيث لم يقدموا له سوى فتاتٌ تعافه الحيوانات التي تقتات الجيف، ولكنه مالبث بعدهما حتى فتحو عليه سجنه وقيدوه وأعصبو عينيه و أخذوه في ممرات متداخلة تحمله فيها درجاتٌ قليلة إلى الأعلى وتأخذه كثيراً أسفل بغرض نقله إلى غرفة التحقيقات، أدخلوه وأجلسوه علي كرسي بدا له ملمسه كخشبٍ رطب و تركوه في ظلام دامس مدةً ليست بالقصيرة ثم دخل عليه رجل بدا له صوته غيلظاً و هجومياً جداً، قال بصوته الذي كان مرعباً ف البداية " إبتسم ... أنا إمتلكتك " رد عليه فتانا بصوته الذي كاد ينساه بعد مدة لم ينطق فيها حرفاً " أين أنا؟؟" أخبره بأنه لا يجب أن يقلق نفسه بشأن هذا لأنه على حسب قوله لن يرى الشمس مجدداً قال له أيضاً أنه يجب أن يخبره عن من دفع له، ولأي فصيل ينتمي، وماذا يدبر للوطن، ولماذا يريد تخريبه، ولماذا يريد أن يسقط النظام، ومن يوافقه من جيرانه، وعمن يرافقه في عملياته ضد الوطن، وعن والديه وإخوته إن كان يرغب في رؤيتهم يعذبون ويغتصبون أمامه إن لم يدلِ بكل شيء، زلزل الفتى بعض الشيء من هول ما قد وصف أمامه من العذاب لكنه أبى أن يشرك نفسه في شيء ليس له فيه يد على الإطلاق إن كل ما أراده هو تحسين الأوضاع المعيشية وبعض الحقوق المسلوبة هو أراد حياة كريمة ....
(يتبع)..